وبين النبىّ وأصحابه ـ إذ عجزوا عن أن يحكموا فى هذه القضية فى الدنيا ، فإن القضية ستحال إلى الآخرة ، وسيفصل فيها أحكم الحاكمين ، يوم يجمع الله الناس جميعا .. (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا) يوم القيامة (ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ) أي يحكم بيننا بالحق .. (وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ) أي الحكم العدل ، الذي يحكم عن علم محيط بكل شىء.
قوله تعالى :
(قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكاءَ .. كَلَّا .. بَلْ هُوَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) بعد هذه الدعوة الحكيمة الرفيقة ، التي لانت ـ أو ينبغى أن تلين لها ـ القلوب من المشركين ـ كانت المواجهة مرة أخرى بين المشركين ومعبوداتهم ، ليعيدوا النظر إليها ، بعد هذا البيان المبين من آيات الله ..
وقوله تعالى : (أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكاءَ) أي أين هم هؤلاء الذين تعبدونهم من دون الله؟. وماذا ترون فيهم إذا نظرتم إليهم؟ أترون غير خشب مسندة ، وأحجار منصوبة؟ أهذه الدمى يصح أن تلحق بالله ، وتضاف إليه ، وتحسب شركاء له؟ «كلا» فما يقبل هذا منطق ، ولا يستسيغه عقل .. (بَلْ هُوَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) الذي عزّ فحكم ، فلا يشاركه أحد فى ملكه ، ولا يدخل معه أحد فى تدبيره ..
هذا هو الإله الذي يجب أن يعبد .. أما من لا يستقلّ بسلطان هذا الوجود ، ولا بالقيام عليه ، فلا يصح أن يكون إلها .. فكيف بمن لا يملك مثقال ذرة؟ وكيف بمن كان دمية ، لا تدفع عن نفسها لطمة يد ، أو ركلة رجل؟.
لقد رأى بعض الأعراب ربّا من هذه الأرباب ، وقد وقعت الطير على رأسه