والجواب : جمع جابية وهى حوض كبير يجتمع فيه الماء ، ومنه جبيت الخراج ، أي جمعته ، «وقدور راسيات» : القدور جمع قدر ، وهو ما يطبخ فيه الطعام ، وينضج على النار «وراسيات» أي ثابتات كالجبال ، لا تنتقل لضخامتها.
وفى وصف الجفان بهذه الضخامة والاتساع ، ووصف القدور بهذه الأحجام العظيمة ـ دليل على سعة ملك سليمان ، وما بسط الله له من رزق ، حتى ليطعم على مائدته هذه الأعداد الكثيرة من الناس ، التي أعدت لها تلك الأوانى والأدوات ، لتهيئة الطعام لها ..
وقوله تعالى : (اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً) .. أي اعملوا عملا ، تقدمونه شكرا لله ، بما أسبغ عليكم من نعم ، وما أضفى عليكم من إحسان ..
فالشكر المطلوب هنا من آل داود ، هو شكر بالعمل ، بعد شكرهم باللسان ، كما جاء ذلك فى قوله تعالى : (يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ) .. وهذا ما يشير إلى أن هذه الجفان التي كالجواب ، وتلك القدور الراسيات كالجبال ، إنما كانت لإطعام الفقراء والمساكين ، وأن قوله تعالى : (اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً) هو حثّ لهم على الاستزادة من هذا الإحسان ، الذي قبله الله منهم ، ورضيه لهم ..
وقوله تعالى : (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) هو تحريض لآل داود على أن يستزيدوا من شكر الله بهذا الذي يعملونه ، وأنه إذا كان فى الناس كثير من الشاكرين لله ، فإن قليلا منهم من يستحق وصف الشكور .. فتلك منزلة عالية فى مقام الإحسان ، وآل داود أولى بهم أن يبلغوها ، ويصبحوا من أهلها.
وهنا ملحظ لا بد منه ، وهو أن الله سبحانه وتعالى قد كان من نعمه على سليمان أن سخر له الجن لتعمل له فيما تعمل ـ «تماثيل» منحوتة من صخر ، أو منجورة من خشب ، أو مصبوبة من حديد ونحاس .. وهذا يعنى أن صناعة