التماثيل ليست مما يقع فى دائرة التحريم ، أو الكراهية ، وإلا لكان نبىّ الله سليمان أبعد الناس عن ملابسة هذه الصناعة ، والانتفاع بها ..
بقي بعد هذا أن نسأل :
لما ذا قامت هذه الجفوة بين المسلمين وبين ممارسة فنّ النحت ، والتصوير ، والرسم ، وغيرها من الفنون الجميلة؟
ولا نجد لهذا الجفاء مستندا من كتاب الله ، ولا من السنة الصحيحة .. بل إن عكس هذا هو الصحيح .. إذ كانت دعوة الإسلام دعوة تلتقى بالإنسان عن طريق عقله وقلبه ، وتخاطبه فى مواجهة مدركاته ، ومشاعره ووجداناته .. ودعوة على هذا الأساس لا يمكن أن تحجر على ملكات الإنسان ، أو أن تكبت مشاعره ، وتحول بينه وبين أي فن جميل يثير المدارك ، ويغذى المشاعر والعواطف ..
والذي يمكن أن يكون من الإسلام فى أول أمره ، أنه لم يفتح صدره لفنّ النحت ، ولم يفتح للناس طريقا إليه ، خاصة وأن المجتمع الإسلامى يومئذ ، كان خارجا من جاهلية اتخذت من النحت غاية لا تتجاوز صناعة الأصنام وعبادتها .. فكان من الحكمة أن تخفّ فى الإسلام موازين النحت ، الذي لم يلد على يد المجتمع الجاهلى إلا هذا الإثم الذي عكفوا على عبادته .. وهذا الموقف يشبه موقف الإسلام من الشّعر ، الذي كان يحمل قدرا كبيرا من الضلال والإفك ..
وقد كان من الطبيعي أن يردّ إلى النحت والتصوير والرسم ، وغيرها ، اعتبارها ، بعد أن ماتت فى النفوس عبادة الأصنام ، واختفت شخوصها إلى الأبد ..
ولكن الذي حدث ، هو الإمعان فى الجفوة لهذه الفنون ، لا لسبب إلا أنها