(يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) (١٥٨ : الأنعام).
قوله تعالى :
(أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ).
أي أعمى هؤلاء المشركون عن أن ينظروا إلى هذه الأرض الميتة ، كيف ينزل الله سبحانه وتعالى عليها الماء من السماء ، فتحيا ، وتهتزّ ، وتربو ، وتنبت من كل زوج بهيج ؛ وإذا كانت عقولهم قد عميت عن أن ترى ما في آيات الله وكلماته من هدى ونور ، أفعميت أبصارهم عن أن ترى هذه الظاهرة الحية ، التي تطلع عليهم في كل أفق من آفاق الأرض؟ فإذا كانوا قد عموا عن هذا الواقع المحسوس ، فإنهم أشد عمى من أن يروا شيئا من آيات الله ، وكلمات الله!
قوله تعالى :
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) ..
إن في هذه الظاهرة لآية مبصرة ، يرى فيها أصحاب النظر والعقل من الناس ، آثار رحمة الله ، وقدرته ، وحكمته .. ولكن أكثر الناس لا يلتفتون إليها ، وإن التفتوا لا يروا شيئا ، وإن رأوا شيئا أنكروه ، وتأوّلوه تأويلا فاسدا. وهذا هو شأن هؤلاء العتاة المتكبرين المشركين ..
قوله تعالى :
(وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) ..
وإن هؤلاء الذين لا يؤمنون بالله ، ولا ينقادون لسلطانه ، لن يعجزوا الله ، ولن يخرجوا من سلطانه .. فهم في قبضته ، لأنه هو العزيز ، الذي لا يغلب ،