وكان مما امتن به الله سبحانه وتعالى على بنى كريم من أنبيائه ، هو زكريا عليهالسلام ـ أن وهب له الولد الصالح ، وأن أصلح له زوجه ، كما يقول سبحانه : (فَاسْتَجَبْنا لَهُ .. وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى ، وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ) (٩٠ : الأنبياء)
«وقرة الأعين» ما تقرّ به ، وتطمئن .. وذلك لا يكون إلا عن هدوء النفس ، واطمئنان القلب ، وراحة الضمير .. الأمر الذي يجعل العين تنظر إلى الحياة نظرا هادئا مطمئنا .. أما المذعور الخائف المضطرب ، فإنه ينظر بعين زائغة مضطربة .. ومن هنا كان للعيون لغتها التي يعرفها أهل البصيرة والرأى ، حيث يكون للرضا نظرة ، وللغضب نظرة ، وللحب نظرة ، وللبغض نظرة. وهكذا تنطبع الأحاسيس والمشاعر على مرآة العين ، كما تنطبع صور الأشياء على المرايا ..
قوله تعالى : (وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ) ـ أي ومما يدعو به عباد الرحمن ربهم ، أن يجعلهم قدوة لأهل الإيمان ، فى الخير والإحسان ، وأن تكون أعمالهم قائمة على طريق الحق والعدل ، حتى يكونوا أسوة في الطريق إلى الله .. وبذلك يكون لهم ثوابهم ، وثواب من اقتدى بهم .. على خلاف أهل الضلال ، الذين يكون عليهم وزر ضلالهم ، ووزر من ضل بضلالهم .. وفي الحديث : «من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ؛ ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة».
قوله تعالى : (أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا) ـ الإشارة هنا إلى عباد الرحمن ، الذين ذكرت أوصافهم في الآيات السابقة .. فهؤلاء المكرمون من عباد الله ، الذين أضافهم سبحانه وتعالى إليه ، سيجزون الغرفة بما صبروا على التكاليف ، والعبادات ، وعلى مغالبة أهوائهم وشهواتهم .. وإنه لولا الصبر لا نحلّت عزائمهم ، وفترت هممهم ، واختلّ توازنهم على الصراط المستقيم ..