قوله تعالى :
(وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً) تعرض هذه الآية والآيات التي بعدها ، الصفات الكريمة التي يتصف بها أولئك الذين استحقوا أن يضافوا إلى الله سبحانه ، وأن يحسبوا في عباده ، أما غيرهم ممن لا يتحلّون بهذه الصفات ، فإنهم ليسوا أهلا لهذا المقام ولا موضعا لهذا الشرف العظيم .. وأن هؤلاء الذين قيل لهم اسجدوا للرحمن فأنكروا هذا ، وقالوا : وما الرحمن؟ ـ هؤلاء ليسوا من عباد الرحمن ، ولن يكونوا من عباده ، ما داموا على حالهم تلك ..
[عباد الرحمن .. من هم؟]
أما عباد الرحمن الذين يستحقون هذا الشرف العظيم ، فهم هؤلاء الذين جاءت تلك الآيات ، تكشف عن صفاتهم التي يتحّلون بها ، والتي تؤهلهم لهذا المقام الكريم ..
وهذه الصفات التي يتحلّى بها عباد الرحمن ، هى أنهم :
ـ (يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً .. وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً). والمشي الهيّن على الأرض ، هو دليل على التواضع ، ولين الجانب ، وسماحة الخلق .. بخلاف المشي الذي يضرب وجه الأرض ، تيها وفخرا ، وقد نهى الله تعالى عنه في قوله : (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً .. إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً) (٣٧ : الإسراء).
ـ (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً) .. أي أن عباد الرحمن لا يلقون فحش القول وهجره ، بفحش ، وهجر مثله .. فإذا رماهم السفهاء بالكلمة الخبيثة أعرضوا عنهم ، وقالوا : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) (٥٥ : القصص).
وليس هذا المشي الهيّن ، أو الإمساك عن الفحش من القول ، هو عن