وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ) (٣١ : محمد). (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) (١٧٩ : آل عمران).
وهل انكشف وجه النفاق ، وعرف المنافقون إلا في بوتقة الابتلاء ، وفي مقام التضحية والبذل؟
إن الناس جميعا على سواء في حال الأمن والعافية .. فإذا كانت المحن والشدائد ، فهم أنماط وأشكال ، وهم معادن مختلفة ، بين غث وثمين!
والاستفهام في الآية الكريمة ، للإنكار ، والنفي .. أي ليس الأمر على ما يظن الناس وما يقدرون ، من أنهم إذا قالوا آمنا كانوا مؤمنين .. كلّا ، إن ذلك لا يكون حتى يفتنوا ، وحتى يبتلوا .. وعندئذ ينكشف ما عندهم من إيمان ..
قوله تعالى :
(وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) هكذا حكم الله في عباده .. فكما امتحن الله المؤمنين في الأمم السابقة ، يمتحن سبحانه الذين أسلموا ، بما يفتنهم ، فى دينهم مما يلقاهم من شدائد ومحن .. فمن كان صادق الإيمان ، سليم العقيدة ، خالص النية ، أمسك إيمانه في قلبه ، وثبت عليه ، ومن كان على غير تلك الصفة انخلع عن دينه ، وألقى به لأول مسة تمسه من بلاء ، وباعه بأبخس ثمن!.
ـ وفي قوله تعالى : (فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) ـ بهذا الأمر المؤكد ـ إعلان للمؤمنين بأنهم في وجه ابتلاء ، وفي مواجهة فتن ، لا بد لهم منها .. إن لم تكن واقعة بهم فعلا ، فإنها ستقع حتما .. هكذا يجب أن يتقرر في نفوسهم من أول الطريق .. فمن شاء أن يكون في المؤمنين ،