بعد النظر إلى هذه المعارض التي عرضتها الآية الكريمة لبعض قدرة الله ، وآثار رحمته!
وجواب أهل العناد والضلال ، هو جواب كل معاند ضال .. وهو العمى عن الحق ، والتشبث بالباطل .. ولهذا جاء قوله تعالى : (بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) مسجلا عليهم هذا الضلال ، آخذا من أفواههم جوابهم على هذا السؤال .. وهو أنهم قوم يعدلون عن الحق إلى الباطل ، ويولون وجوههم إلى معبوداتهم التي يعكفون عليها ..
قوله تعالى :
(أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً .. أَإِلهٌ مَعَ اللهِ؟ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ!)
وهذه معادلة أخرى ، يوازن فيها المشركون بين الله ، وبين آلهتهم ..
أيّ أحق بالألوهة ، وأولى بالعبادة؟. أآلهتكم تلك الخرساء الصماء ، أم الله الذي جعل الأرض قرارا؟ أي موضعا صالحا لحياة الإنسان ، واستقراره عليها ، (وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً) أي وأجرى بين شعاب الأرض أنهارا ، تخلل أجزاءها ، بحيث يأخذ كل جزء منها حظه من هذه الأنهار (وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ) أي جبالا راسية ، تمسك بها أن تميد أو تضطرب .. (وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً) أي فصل بين ماء البحار ، وماء الأنهار ، حيث يلتقيان ، فلا يطغى أحدهما على الآخر .. بل يبقى ماء الأنهار عذبا سائغا ، ويظل ماء البحار ملحا أجاجا ..
هذا هو صنع الله ، وتلك آيات قدرته ، وسوابغ رحمته .. فأين ما للآلهة التي تعبدونها ، أيها المشركون الضالون؟