«أنبتنا» حضور لله سبحانه ، فى هذه الزروع والجنات التي تزين وجه الأرض ، وتقع لعينى كل إنسان ..
وثانيهما : أن هذه الزروع وتلك الجنات .. ليست على صورة واحدة ، فهى مختلفة الألوان والأشكال ، متعددة الأنواع والأجناس ،. كما يقول الله سبحانه (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ* أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا* ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا* فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا* وَعِنَباً وَقَضْباً* وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً* وَحَدائِقَ غُلْباً* وَفاكِهَةً وَأَبًّا) (٢٤ ـ ٣١ عبس)
فهذه الصور التي لا تكاد تحصى من الزروع والأشجار ، فى مسرح العين ، تبدو وكأن آلافا من الأيدى ، عملت على إخراجها من الأرض ، واستيلادها من بطنها ، وصبغها بهذه الأصباغ .. وإن الأمر لعلى خلاف هذا الظاهر ، فهى يد واحدة قادرة ، هى يد الحكيم العليم ، التي تفردت بكل هذا .. ومن هنا حسن أن يذكر الله سبحانه وتعالى بضمير الحضور ، وبصيغة الجمع ، حيث ترى قدرة الله قائمة على كل نبتة ، وكل شجرة .. وليس كذلك الشأن في المطر ، ونزوله .. إنه صورة واحدة في كل أحواله ..!
ـ وقوله تعالى : (ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها)
الضمير «فى شجرها» يعود إلى الحدائق ..
والمعنى ، أن هذه الحدائق ذات الروعة والبهجة ، ليس في مقدور الناس جميعا أن ينبتوا شجرها ، وأن يخرجوه من الأرض ، فضلا عن أن يمسكوا عليه حياته ، ويبلغوا به هذا المدى من النماء ، والإزهار ، والإثمار ، وتنوع الألوان والأشكال ..
ـ وفي قوله تعالى : (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ؟) سؤال تقريرى ، يراد الجواب عليه ،