وفى ذكر الله ، ذكر لجلاله ، وعظمته ، وقيومته ، واستحضار لما له سبحانه وتعالى فى خلقه ، من تقدير وتدبير ، وفى هذا الذكر يتصل العبد بربه ، ويقترب من مواقع رضاه ورحمته .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (٢٨ : الرعد) وقد عرضنا لبحث هذا الموضوع ، عند تفسير هذه الآية الكريمة (١) ..
وقوله تعالى : (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ ..) هو بيان شارح لهذه المساجد ، ولمن يغشونها من عباد الله .. فهذه البيوت لا تهشّ ، ولا تسعد إلا بمن يتعلق فلبه بها ، ويجد الأنس والمسرّة فى رحابها ، ويستشعر الغربة والوحشة فى البعد عنها ، فهو لهذا غاد ورائح إليها ، لا تلهيه تجارة ولا بيع عن غشيانها وذكر الله فيها ، ابتغاء رضوانه ، وخوفا من لقائه فى يوم (تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ) أي تضطرب فيه القلوب هولا وفزعا ، وتزيغ فيه الأبصار ، كربا وجزعا ..
والغدوّ : أول النهار ، والآصال : جمع أصيل ، وهو آخر النهار .. وأفرد الغدوّ : لأن فيه صلاة واحدة ، هى صلاة الصبح .. وجمع الأصيل .. لأنه زمن ممتد ، فيه صلاة الظهر ، والعصر ، والعشاءين .. (المغرب والعشاء).
قوله تعالى :
(لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ).
هو تعليل لما ببغيه الغادون والرائحون إلى بيوت الله .. أي أنهم يفعلون
__________________
(١) انظر التفسير القرآنى للقرآن : الكتاب السابع.