اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) مشوّقا للنفوس أن يكون لها نصيبها من هذا النور ، وأن تكون فيمن شاء الله هدايتهم إليه .. ومن بواعث هذا الشوق تجىء تساؤلات عن هذا النور ، وكيف السبيل إليه ، وبلوغ النفس حظها منه؟ ولا تكاد النفس تتلقّى هذه الخواطر المتسائلة ، وهى بين يدى قوله تعالى : (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) ـ حتى يلقاها الدليل الذي يأخذ بها إلى مواقع هذا النور : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) ـ ففى هذه البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، يلتمس نور الله ، حيث يتجلى الله سبحانه وتعالى على كل من يغشون هذه البيوت ، ويذكرون الله فيها ..
وفى تنكير البيوت ، تعظيم لمقامها ، ورفع لشأنها ، وتضخيم لقدرها ، وإن ضاقت رقعة وقلت عددا .. فهى أيّا كانت ، أعلى البيوت مقاما ، وأرفعها عمادا ، وكل بيوت غيرها ، ظلّ لها ، ومرفق من مرافقها.
وإذن الله برفع هذه البيوت ، هو أمره بإقامتها .. فحيث أقيمت ، فهى مرفوعة على كل بنيان ، وإن علا بناء ، وعظم جسما.
وقوله تعالى : (وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) معطوف على قوله تعالى : (تُرْفَعَ) أي أذن الله أن ترفع ، وأذن أن يذكر فيها اسمه .. وهو بيان للغاية من رفعها ، وإقامتها ، وأنها إنما رفعت وأقيمت ليذكر فيها اسم الله .. فهى بيوت عبادة ، وذكر لله ..
وذكر اسم الله ، هو ذكر الله .. واسم الله ، هو صفته ، وليس لله سبحانه اسم واحد ، أو صفة واحدة ، وإنما له أسماء وصفات كثيرة ، هى الكمال المطلق ، كما يقول سبحانه : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) (١٨٠ : الأعراف) ودعاء الله بأسمائه ، هو ذكر وتمجيد له ..