هذا ، ويولّون وجوههم إلى ربهم بالغدو والآصال ، ليكون ذلك سببا فى أن يرضى الله عنهم ، ويجزيهم أحسن ما عملوا ويقبله منهم ، ويتجاوز بإحسانهم هذا عن سيئاتهم ، كما يقول سبحانه : (أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ) (١٦ : الأحقاف) .. وليس هذا فحسب ، بل إنه سبحانه وتعالى ـ سيزيدهم من فضله ، ويضاعف الجزاء لهم من إحسانه .. فهذا رزق من رزقه (وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) لأن خزائنه ملأى أبدا ، لا تنقص بالعطاء .. وإذن فلا يجرى حساب على هذه الخزائن ، لإحصاء ما ذهب منها وما بقي ..
ولكن ـ مع هذه الخزائن الملأى من رزق الله ، ومن فضله ، وإحسانه ـ فإنه سبحانه ، قيوم حكيم ، يضع رحمته حيث يشاء ، ويعطى منها ما يشاء لمن يشاء ، بحساب وتقدير ، حسب ما تقضى به حكمته وتدبيره ، وفى هذا يقول سبحانه : (وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ ..) ويقول جلّ شأنه : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) (٢١ : الحجر) ..
قوله تعالى :
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ).
فى الآية السابقة ، ذكر الله سبحانه وتعالى المؤمنين ، الذين يغدون ويروحون إلى بيوته ، يذكرونه ويسبحون بحمده ، وقد وعدهم الله على ذلك ، قبول أحسن ما عملوا ، ومضاعفة هذا الإحسان ..
وفى هذه الآية عرض للكافرين ، وأعمالهم التي يعملونها فى دنياهم .. إنها أعمال مهلكة لأهلها ، لا يجيئهم منها إلا البلاء وسوء المنقلب .. لأنها