سبحانه وتعالى جعل الصلة بين الرجل والمرأة من النعم التي أنعم الله بها على عباده ، فقال تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً؟) (٢١ : الروم)
والجواب على هذا ـ والله أعلم ـ هو أن الإنسان فى صورته الحيوانية ، مباح له إباحة مطلقة ، أن يتصل بالمرأة أيا كانت ، شأنه فى هذا شأن الحيوان فى اتصال الذكر بالأنثى .. بلا قيد ولا حد ..
ولكن الإنسان ، الذي يندسّ فى كيانه هذا الحيوان ، قد أراد الله سبحانه له ، أن يعلو بإنسانيته ، ويرتفع إلى مستوى كريم ، يكون فيه أقرب إلى العالم العلوي منه إلى العالم الأرضى .. وذلك لا يكون إلا بأن يخرج من مسلاخ الحيوان ، أو يقتل هذا الحيوان المندسّ فى كيانه .. وذلك من مظاهره ألا تكون صلته بالأنثى شبيهة بصلة الحيوان ، المطلقة من كل قيد ..!
ولكن الإنسان مهما يكن ، لا يمكن أن ينسلخ من الجانب الحيواني الذي فيه ، وهو على هذا التركيب الجسدى ، الذي تتحرك فيه شهوة داعية إلى اتصال الرجل بالمرأة ..
فكان من تدبير الله سبحانه وتعالى أن وقف بالإنسان موقفا وسطا ، يأخذ فيه وضعا ملائما للإنسان والحيوان معا .. فقيد الإنسان بهذا القيد الذي ألزمه حدود إنسانيته ، ثم نفّس عنه بعض الشيء ، فجعل لهذا الجسد فى الإنسان حظّه من المرأة فى حدود مرسومة لا يتعداها ، وهو أن يتخذ له امرأة ، أو أكثر إلى أربعة ، ممن أحلّ الله له .. أو ما يشاء من النساء ، ممن ملكتهن يده!
الأصل إذن ، الحرمة المطلقة فى اتصال الرجل بالمرأة عموما .. ثم الإباحة فى هذا النطاق الضيق المحدود ..! أو قل : الأصل هو الإباحة المطلقة من كل قيد ، ثم هذا القيد الوارد على هذا الإطلاق .. وذلك حسب أي النظرتين بنظر بها