ذوى الضرّ والحاجة من أفراده ، فيعمل على سدّ هذا الخلل ، وتقوية تلك الجوانب ودعمها ، بما بين يديه من مال.
وثانيا : نظره إلى هذا المال الذي فى يده ، وحمل نفسه على السّماح والبذل فى كل وجه نافع طيب .. وذلك حتى لا تغلبه نفسه على الضنّ به ، والوقوف عند حدّ الزكاة الواجبة.
ومن هنا كانت الزكاة «فعلا» أي عملا جادّا ، يحتاج إلى كل ما يحتاج إليه العمل الجادّ ، من إمعان نظر ، وبذل جهد .. وليست مجرد صدقة طارئة ، تطرق المتصدق بين الحين والحين ، أو تلقاه على رأس كل عام ، وإنما هى «فعل» متصل ، يشغل به الإنسان فى كل لحظة من لحظات حياته .. وبذلك يكون على صلة دائمة بالمجتمع الذي يعيش فيه .. يحسّ بإحساسه ، ويتحرك معه فى الاتجاه الذي يتحرك فيه ، ويحمل هموم ذوى الحاجات والهموم من جماعة المسلمين .. وفى الحديث : «من لم يحمل همّ المسلمين فليس منهم».
ومن صفات هؤلاء المؤمنين أنّهم (لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ) أي أنهم كما حفظوا ألسنتهم عن اللغو ، وكفوا جوارحهم عن الشر والأذى ـ حفظوا فروجهم من الدّنس ، ولزموا بها جانب العفّة والطهارة ..
وقوله تعالى : (إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) هو استثناء من حفظ الفروج عن الاتصال بالنّساء ، والتعفف عنهن .. فليس هذا على إطلاقه ، وإنما لفروجهم ما أحلّ من أزواج ، ومما ملكت اليمين من جوار .. فهذا لا لوم عليهم فيه .. تماما كالإمساك عن اللغو من الكلام ، مع إباحة الحديث الطيب من القول ..
ـ وفى قوله تعالى : (فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) ما يشعر برفع الحظر عن أمر كان محظورا ، وبدفع اللوم عن أمر كان إتيانه موضع لوم .. فكيف هذا؟ والله