ومنها ما يفحّ فحيح الأفاعى .. فيتألف منها ومن كثير غيرها من كل صوت منكر ـ إعصار مجنون ، يكاد يخنق هذا الصوت الكريم ، ويغطى سماءه الصافية ، بما يثير من غبار ودخان!
فهذه هى أمنية الرسول أو النبىّ ، وتلك إلقاءات الشيطان فيها .. إذ ليست كلّ هذه الأصوات المنكرة إلا صنيعة الشيطان ، وإلا غرسا من غرسه النكد ، وثمرات من ثمر هذا الغرس الخبيث ..
ويحسن هنا أن تقرأ هذا المقطع من الآية الكريمة : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ .. إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ..)
وواضح مما رأيت ، أن أمنيّة كل رسول وكل نبىّ ، كانت أبدا هى هداية قومه جميعا إلى الله ، وأن إلقاء الشيطان فى هذه الأمنية ، هو ما يوسوس به للسفهاء ، والحمقى ، والجهلاء من القوم ، ليقفوا فى وجه الدعوة التي يدعون إليها ، وليرهقوا رسلهم وأنبياءهم .. فالشيطان لا يظهر عيانا ، ولا يلقى الرسول أو النبىّ مواجهة ، وإنما يلقاهما فى أتباعه وأوليائه ، هؤلاء الذين استذلّهم الشيطان ، وأمسك بهم من مقاودهم ، فكانوا له جنودا يسلطهم على أنبياء الله ، ورسل الله ، وأولياء الله ..
ولكن ماذا يكون بين هذه الأمنية التي يتمنّاها الرسول أو النبىّ ، وما يلقى به الشيطان فيها؟
الشيطان كما أخبرنا الله ـ سبحانه وتعالى ـ عنه ، ليس له سلطان على الذين آمنوا ، كما يقول سبحانه : (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (٩٩ : النحل) فكيف بالرسل والأنبياء ، الذين عصمهم الله ، وأمدّهم بكثير من أمداد عونه ، وتوفيقه ، وحياطته؟ ثم كيف والشيطان أيّا كان هو ضعيف الكيد لمن عرف كيف يدافع عن إنسانيته ، ويحمى وجوده من أن