يحوى منكرا غليظا ، تتولد منه منكرات .. إذ هو ينكر البعث أولا ، وينكر قدرة الله ثانيا ، ثم يتولّد من هذا وذاك ما يتولّد ، من كفر ، وضلال ، وشرك بالله ثالثا
والاستفهام هنا ، استفهام إنكارى .. ينكرون فيه أن يبعثوا ، بعد أن تبلى أجسادهم وتصير ترابا.
والرّفات : العظام المتحلّلة ، التي ضاعت معالمها ، وصارت ترابا فى التراب ..
قوله تعالى : (قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً* أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ .. فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً) ..
ينغضون إليك رءوسهم : أي يحركونها فى إنكار ، وإباء ، وتكرّه .. شأن من يأخذ دواء مرا ، فيأتى بهذه الحركة الجنونيّة برأسه ، من غير وعى!
والآية تردّ على المشركين هذا الضلال ، الذي ضربوا له مثلهم هذا .. إنهم يستنكرون أن يبعثهم الله بعد أن تبلى عظامهم ، وتتحلل أجسامهم .. فدفع الله سبحانه مثلهم هذا بمثل هو أشدّ إنكارا عندهم للبعث ، فقال تعالى : (قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً* أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ) .. أي كونوا على أية صفة هى أبعد وأغرب من صفتكم التي تكونون عليها بعد الموت .. كونوا حجارة جامدة ، لا صلة بين الحياة وبينها ، أو حديدا ، أصلب من الحجارة ، وأبعد منها نسبا إلى الحياة .. أو كونوا أي خلق آخر يكبر فى صدوركم ، ويكون أبعد من الحجارة والحديد استحالة فى بعث الحياة فيه .. كونوا عدما مطلقا .. فإن قدرة الله سبحانه وتعالى لا يعجزها شىء .. وإنكم إذا أنكرتم هذا ، وقلتم : من يبعثنا إذا صرنا على هذه الحال أو تلك ، فهذا هو الجواب : (قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) إنه سبحانه ، قد خلقكم من تراب وفطركم منه ، أي أنبتكم كما ينبت