النبات ، الذي يفطر الأرض ، أي يشقّ وجهها .. وإذا قلتم فى إنكار : «متى هو؟» أي متى هذا البعث؟ فهذا هو الجواب أيضا : (عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً). إنكم لا تعلمون وقته ، ولكنه آت لا ريب فيه ، وربما كان ذلك قريبا ، أقرب مما تقدّرون وتتصورون .. «وعسى» فعل يفيد الرجاء ، وتوقع الحدوث لما وقع عليه .. وهذا الرجاء إنما هو بالنسبة إلى المخاطبين .. وأنهم فى موقف الانتظار لهذا الأمر لذى لن يطول انتظارهم له ..
قوله تعالى : (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً) ..
هو بيان لميقات هذا البعث الذي سأل المشركون عنه هذا السؤال الإنكارى ، بقولهم: «متى هو؟» ..
إنه اليوم الذي ينتظر أمر الله ، ودعوته الموتى من قبورهم ، كما يقول سبحانه : (ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) (٢٥ : الروم) ـ وفى قوله تعالى : (فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ) ـ ما يسأل عنه ، وهو : كيف يستجيبون لدعوة الله لهم من قبورهم ، بالحمد ، وقد جاء فى قوله تعالى فى سورة يس (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ* قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا؟) فهم ينادون هنا بالويل ، فكيف يستجيبون هناك بالحمد. والموقف هو هو؟
والجواب على هذا ـ والله أعلم ـ : أن هذا وذاك وإن كان منهم فى يوم البعث ، إلا أن كلّا منهما فى موقف غير الموقف الآخر .. فهم حين يبعثون من قبورهم ، يحمدون لله ، على أن أحياهم بعد موتهم ، فالحياة نعمة تستوجب الحمد والشكر لله ربّ العالمين .. ولكنهم حين يشهدون أهوال هذا اليوم ، ينادون بالويل ، إذ يرون بأعينهم المصير الذي هم صائرون إليه ، كما يقول سبحانه :