هذا أشبه بالطائر ، حين يريد الاتجاه إلى أية جهة ، يخفض جناحه لها ، على حين يفرد الجناح الآخر ..
فكأنّ الإنسان حين دعى إلى أن يلين لأبويه ، وأن يرّق لهما ، قد مثّل بطائر أراد أن يأخذ هذا الجانب من جانبيه ، وهو جانب الرحمة والعطف ، فخفض جناحه ومال إليه ..
قوله تعالى : (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً) ..
هو تعقيب على ما تضمنته الآيات السابقة من النهى عن الشرك بالله ، والأمر بالإحسان إلى الوالدين .. وهذا التعقيب يقرر أنّ أساس الأعمال كلها ، هى القلوب ، وما تنطوى عليه ، من صلاح .. فإذا كان قلب الإنسان سليما ، ونيّته معقودة على الإيمان بالله ، والإحسان إلى الوالدين ، ثم كان منه زلة أو عثرة ، فذلك مما لا يفسد على المؤمن إيمانه ، ولا يضيّع على المحسن إحسانه ، إذا هو رجع إلى الله من قريب ، وأصلح ما أفسد .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً) ..
والأوابون : جمع أواب ، وهو كثير الأوب ، أي التوبة والرجوع إلى الله .. وهذا يعنى أن الإنسان فى معرض الخطأ والزلل .. وأن الذي يصلح من خطئه ، ويصحح من عوجه ، هو رجوعه إلى لله ، وطلب الصفح والمغفرة منه.
قوله تعالى : (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً).
هو دعوة إلى الإحسان إلى جماعات لهم حقوق على الإنسان ، بعد حقّ الوالدين ، وهؤلاء هم :