وفى قوله تعالى : (لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ) إشارة إلى هذا الخزي الذي سيلبس بنى إسرائيل ، حين تحل بهم الهزيمة ، ويقع بهم البلاء ، ويهوون هويّا من هذا العلوّ الساحق ، الذي تسلقوا إليه متلصصين فى الظلام .. ويومها يعرف العالم أنهم هم اليهود ، أجبن خلق الله ، وإن لبسوا جلود النمور والأسود!
ـ وفى قوله تعالى : (وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ) ـ إشارة إلى صحوة جديدة ، ستبعث القوة ، وتعيد الحياة إلى الأمة الإسلامية ، وتجدد شبابها .. وإذا هى أقرب ما تكون إلى عهد الفتح الأول ..
وشواهد هذا البعث للأمة الإسلامية كثيرة .. فقد تحررت أوطان العالم الإسلامى جميعها من الاستعمار ، وأخذت الحياة تدبّ فى أرضها الموات ، بما يتدفق منها من ينابيع الذهب الأسود «البترول» الذي أمدها بأقوى قوة تقوم عليها الأمم فى العصر الحديث ، وهى المال ، الذي يمكّن لها من العلم ، وما يقوم على العلم من أسباب المدنية والعمران ..
ـ وفى قوله تعالى : (وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً) ..
التبار ، والتتبير : التدمير ، والإهلاك ..
وفى هذا إشارة إلى أن المسلمين سيجيئون بقوة قاهرة ، ذات بأس متمكن غالب ، يأتى على القوم ، وعلى كل ما معهم من سلاح وعتاد ..
فكلمة «ما» وهى اسم موصول لغير العقلاء ، يراد به بنو إسرائيل ، وما معهم من معدات الحرب ، وأدوات القتال ، التي جلبوها من كل مكان ، ورصدوها للشر والعدوان ..
إن بنى إسرائيل بغير معدات الحرب هذه ، لا حساب لهم ، ولا وزن .. ولهذا كان ميزان الأسلحة والمعدات أثقل من ميزانهم ، ولهذا أيضا جاء التعبير يلفظ