اليهود من الأمم والشعوب ، فى شتى أقطار الأرض .. بما أشعلوا من حروب وبما أثاروا من فتن ، وبما اشتروا من ضمائر وذمم ..
وثالثا : هذه الدولة ، هى غاية ما يمكن أن يبلغه بنو إسرائيل من علوّ ، وغاية ما يمكن أن تطوله أيديهم من إفساد فى الأرض ..
فهم الآن يضعون أيديهم على فلسطين كلها ، وعلى شبه جزيرة سينا من مصر ، وعلى مرتفعات جولان من سوريا ..
وكل ذلك قد وقع ليد إسرائيل فى لحظة خاطفة ، من لحظات الزمن ، لا تتجاوز ستة أيام ، الأمر الذي جعل لبنى إسرائيل اسما ذائعا رهيبا فى العالم ، جعلت تتغذى منه إسرائيل بمشاعر العظمة والزهو والغرور ، حتى تورّمت ، وأوشكت أن تنفجر ، مما بها من كظة وامتلاء ، من الزهو والخيلاء .. ومن هنا كان منهم ذلك البغي والعدوان ، والإفساد فى الأرض .. بنسف الدور ، وقتل الأطفال والنساء ، بلا وازع من حياء أو ضمير ، وبلا خوف من قوة رادعة فى الأرض ، أو فى السماء!
المرة الثانية إذن هى ما فيه إسرائيل الآن .. من فساد فى الأرض ، وعلوّ واستكبار .. فساد إلى أبعد مداه ، وعلوّ واستكبار إلى غاية حدودهما.
أما الذي ينتظر بنى إسرائيل بعد هذا ، فهو ما يقع تأويلا لقوله تعالى : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً).
والذي سيتولّى هذا ـ بلا شك ـ هم المسلمون ، أصحاب المسجد ، الذين دخلوه أول مرة ، أيام عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، والذين سيدخلونه اليوم ـ إذا شاء الله ـ كما دخلوه أول مرة.