ـ فهذه إرهاصة من إرهاصات المرة الثانية ، أو وعد الآخرة ، وهى أن يكون المسجد الأقصى فى يد بنى إسرائيل ، ثم يجىء إليهم من يخرجهم منه ، وينتزعه من أيديهم ، وهم أولئك الذين كان «المسجد» مسجدهم الذي «دخلوه أول مرة»! وليس المسجد إلا مسجد المسلمين ، وليس الذي يدخله للمرة الثانية وينتزعه من اليهود ، إلا المسلمين ..
ـ والإرهاصة الثانية ، هى الحال التي عليها اليهود أنفسهم ، وهى أن يكونوا على الصفة التي وصفهم الله بها ، حين يفسدون فى الأرض ، ويعلون علوّا كبيرا ، وحين يدخل عليهم أصحاب المسجد كما دخلوه أول مرة ، ليسوءوا وجوههم ، أي يلبسوهم الخزي والسوء ، وقد اختصّت الوجوه بهذا ، لأنها الصفحة التي ترتسم عليها أحوال الإنسان كلها ، وما يمسّه من خير أو شر ، وما يلقاه من نعيم أو بؤس.
والذي ينظر فى واقع بنى إسرائيل اليوم يجد :
أولا : أنهم منذ عهد سليمان لم تقم لهم دولة ، بعد الدولة التي خربها يختنصّر ، حتى قامت لهم دولة فى هذه الأيام ، هى المعروفة باسم «إسرائيل» والتي تدعمها وتسندها قوى كثيرة من قوى البغي والعدوان .. التي تكيد للإسلام وتتربّص به.
ثانيا : أن هذه الدولة التي أقامها بنو إسرائيل هذه الأيام دولة ولدت من أحشاء الظلام ، تحمل معها كل ما عرفت الإنسانية من أدوات الشر ، والبغي ، والعدوان .. فقد ملكت بكيدها ومكرها ، كثيرا من الوسائل الخبيثة ، التي مكنتها من تلك القوة ، وأقامت بها هذه الدولة ..
فالمال الذي أقيمت به هذه الدولة ، هو عصارة تلك الدماء التي امتصها