يجعل بينهم وبين هؤلاء المفسدين سدّا ، يدفع عنهم عدوانهم ..
(قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا).
ـ (إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) .. هذا هو كل ما كشف عنه القرآن من (يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ).
ولكن يظهر أن غرابة الاسم «يأجوج» ومزاوجته مع «مأجوج» الذي يشبهه فى غرابته ، قد أغرى المفسّرين ، وغيرهم من أصحاب السّير بأن يخلعوا على المسمّى من الصفات الغريبة ، والأوصاف العجيبة ، مالا يكاد يقع لخيال الذين ألفوا ليالى «ألف ليلة وليلة» : فهم ـ أي يأجوج ومأجوج ـ بين طويل يبلغ طوله عشرات الأمتار ، أو قصير لا يجاوز ذراعا! وقل مثل هذا فى أفواههم ، وأسنانهم ، ورءوسهم ، وشعورهم ، مما لا يكاد يكون إلا فى عالم الشياطين والمردة ، فى تصورات الذين يتحدثون عنهما ..
إن (يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ) هذين الاسمين فى غرابتهما ، وازدواجهما كانا مادة خصبة لتوليد الصور الغريبة ، وتأليف الروايات المختلفة ، حتى يستقيم المسمّى على دلالة الاسم ، وحتى لقد سمح الخيال بأن يقال : إن هذين الاسمين عربيان ، وإن يأجوج ، مشتق من أجيج النار ، وهو هذا الصوت الرهيب الذي تشهق به النار حين يتأجج وقودها ويندلع لهيبها .. كما أن مأجوج ، مشتق من الموج والاضطراب .. يقال ماج البحر : أي اضطرب وهاج ..!
ولعلّ أغرب ما قيل فى هذا المقام من مقولات ، أن آدم كان قد احتلم ، فوقعت نطفته على الأرض ، وكان أن تخلّق من هذه النطفة كائن هو الأب الأكبر لهؤلاء القوم!!