وهذا وكثير كثير غيره مما قيل فى يأجوج ومأجوج ، هو ـ كما قلنا ـ بعيد غاية البعد عن منطوق القرآن ، كما أنه بعيد غاية البعد عن الحقيقة الممكن تصورها .. فما عرف فى التاريخ البعيد ، أو القريب ، جماعة بشرية لها شىء من هذه الأوصاف .. وما عرف فى أبناء آدم هذا التفاوت البعيد فى الصفات الجسدية ، وإن وجد بينهم تغاير فى الألوان ، وفى الأخلاق والعادات ، وتفاوت فى العقول والملكات .. ولكن مع هذا التغاير وذلك التفاوت ـ لا يبدو منهم جميعا ما يقطع نسب بعضهم عن بعض ، ولا يدفع نسبة بعضهم إلى بعض ..
وعلى هذا ، فإنا نقول بأن «يأجوج ومأجوج» هما جماعة أو جماعات من تلك القبائل المتخلفة ، التي تسكن الآجام والغابات ، وتأوى إلى الكهوف والمغارات ، والتي لم تبعد كثيرا عن حياة الحيوانات المتوحشة المفترسة ، وتسبب كثيرا من القلق والإزعاج للجماعات القريبة منها والتي أخذت حظا من المدنية والعمران .. وحسبنا أن نذكر هنا المغول وما أحدثوا من إفساد للحضارة الإسلامية ، مما لم تحدثه أعظم الزلازل ، وأعتى الأوبئة وأشدها هولا وفتكا ..!
(السد ، وما أقيم منه)
كان السدّ الذي أقامه ذو القرنين ، استجابة للقوم الذين لقاهم بين السدين ـ كان أقل أحداث هذه القصة إثارة للبحث ، وتوليدا للصور والخيالات ..
وذلك أن القرآن الكريم قد تحدث عن هذا السدّ بشىء من التفصيل ، لم يدع لأصحاب الخيال أن ينطلقوا بخيالاتهم فيه إلى مدى بعيد ..
وفى هذا يقول الله تعالى :
* (قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ .. فَهَلْ