أن تكون أداة بغى وعدوان .. فكان بهذا على مستوى من الحكمة والتدبير وحسن السياسة للملك ، بما يكاد يتفرد به بين أصحاب الملك والسلطان ..
وعلى هذا يمكن أن يقال : إن العبد الصالح نسيج وحده فى العلم الذي معه ، وإن ذا القرنين ، نسيج وحده كذلك فى دنيا الملوك والسلاطين ، أصحاب الجاه والسلطان ..
وثانيا : الأحداث التي اشتملت عليها كلتا القصتين ..
ففى كل منهما ثلاثة أحداث ، هى التي كشف عنها القرآن من أمر صاحبى القصة ..
فخرق السفينة ، وقتل الغلام ، وإقامة الجدار .. هى الأحداث الثلاثة التي جرت على يد العبد الصالح ..
وبلوغ مغرب الشمس ، وبلوغ مشرقها ، وإقامة السدّ .. هى أحداث ثلاثة ، من أحداث ذى القرنين ..
ثالثا : تحركات الرجلين ..
كانت لكل منهما ثلاثة منطلقات .. كل منطلق إلى غاية من الغايات الثلاث ، التي تولد من كل غاية منها حدث ..
فالعبد الصالح ، ينطلق فى كل مرّة ، ومعه صاحبه موسى .. وكأن موسى هو السبب الذي كان عنه منطلقه إلى كل غاية من غاياته الثلاث : «فانطلقا» .. «فانطلقا» .. «فانطلقا».
وذو القرنين ، ينطلق فى كل مرة ، ومعه سبب ، يتبعه سبب ، حتى يبلغ غايته .. (فَأَتْبَعَ سَبَباً) .. (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً) .. (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً)!