القطر : النحاس المذاب ، لأنه يقطر كما يقطر الماء.
أن يظهروه : أي أن يتسلقوه ، ويركبوا ظهره ، لملامسته وارتفاعه ..
النقب : الثقب والخرق فى الجدار ، ينفذ من جانبه إلى الجانب الآخر ..
[ذو القرنين .. من هو؟ وما شأنه؟]
فى الخمس عشرة آية السابقة قصّة رجل ذى شأن عجيب ، بين يديه قوّى ، ومعه سلطان ، قلّ أن يقع مثلهما ليد إنسان .. وسمى ذا القرنين لبلوغه المشرق والمغرب ، فكأنه حاز قربى الدنيا.
ومن أجل هذا كانت المناسبة قوية بين قصة هذا الرجل ، وبين قصة العبد الصالح .. صاحب موسى ، فجاءت هذه القصة وراء قصّة العبد الصالح ، تالية لها.
ثم إنه ـ مع هذا ـ يوجد بين القصّتين ، أكثر من وجه من وجوه الشبه ..
فأولا : العبد الصالح ، وذو القرنين ، كلاهما ممن اختصه الله سبحانه وتعالى بشىء من فضله ورحمته ..
فالله سبحانه وتعالى يقول عن العبد الصالح : (عَبْداً مِنْ عِبادِنا .. آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً).
ويقول جل شأنه فى ذى القرنين : (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً).
والفرق بين الرجلين فيما اختصهما الله تعالى به ، أن ما أصاب العبد الصالح من فضل الله ، كان علما لدنّيّا ، ارتقى به فوق مستوى العلم البشرى ، على حين أن ما أصاب ذا القرنين كان تمكينا فى الأرض ، وهداية إلى الأسباب التي تدعم هذا التمكين ، وتحرسه من الآفات التي تجعل من تلك القوة الممكنة ،