كلمة عن القصة :
القصّة فى هذا العصر ـ كما هى فى كل عصر ـ أفضل وسيلة للتربية والتهذيب .. فعن طريق العرض القصصى لحوادث القصة وأشخاصها ، تتفتح أشواق النفس إلى متابعة هذا العرض ، وإلى المشاركة الوجدانية ، فى مواقف القصة ، وأحداثها ، وأزمانها ، حتى لكأن القارئ أو المستمع ، أو المشاهد ـ جزء منها ، وواحد من أشخاصها ، يأخذ الموقف الذي يرتضيه لنفسه من بين مواقفها ، ويعيش مع كل حدث من أحداثها ، متأثرا به ، ناظرا إليه ، كلما وقف مثل هذا الموقف من الحياة .. إذ لا تنتهى القصة ، حتى يكون المستمع لها ، أو القارئ أو المشاهد قد عاش فى تجربة نفسية ، وقطع مرحلة ، تطول أو تقصر ، حسب طول القصة أو قصرها ـ مرحلة تترك فى كيان الإنسان آثارا عقلية ، ووجدانية ، وروحية ، أشبه بتلك الآثار التي يتركها الصوت على صفحة لوح التسجيل .. بعضها عميق ، وبعضها ضحل الغور ، حسب قوة الإحساس وضعفه ، وتبعا لتلقى القارئ أو السامع ، أو المشاهد ، وتجاوبه أو تباعده ، من القصة.
ولا تبلغ القصة مبلغا من النفس ، ولا تصل أحداثها ومؤثراتها إلى وجدان الإنسان ومشاعره ، إلّا إذا أحكم تصويرها ، وجرت على اتجاه العقل والمنطق ، وتجاوبت مع واقع الناس والحياة .. وإلا كانت خرافة ، إن جنح بها الخيال ، وحلقت فى عوالم لا يعيش فيها الناس ولا يتصورونها .. أو كانت غثّة باردة ، إن هى أمسكت بالأمور التافهة ، التي لا يلتفت إليها أحد ، ولا يعلق بها نظر!
والقصة الناجحة ، هى التي ينتزع موضوعها من أحداث الحياة وواقع الناس ، أو ما يمكن أن يكون من أحداث الحياة وواقع الناس .. ثم يجرى