أشخاصها فى هذا المنطلق ، وتوضع كل شخصية فى المكان المناسب لها .. ولا نريد أن نجعل القصة موضوع هذا البحث ، فإن الحديث عن القصّة ، وما يجب أن يتوفر لها من عناصر النجاح يتطلب بحثا خاصا مستقلا (١) ، ليس هنا موضعه ، ولا موضعه .. وإنما تلك إشارة مجملة تشير إلى ما للقصة من أثر فى التربية والتهذيب ، وأنها من هذه الناحية أداة قوية من أنجح أدوات التربية فى يد المصلحين والمربين.
* * *
والقرآن الكريم ـ وهو مدرسة المسلمين ، وجامعة المجتمع الإسلامى ـ لم يغفل شأن القصة ، فهو يعتمد عليها فى كثير من المواقف ، لتكون وسيلة من وسائله الفعّالة ، فى تقرير الحقائق ، وتثبيتها فى النفوس ، وفى تجليتها للعقول ، وفى الكشف عن مواطن العبرة والعظة فيها.
وقصص القرآن الكريم ، قصص جادّ ، مساق للعبرة والعظة ، وليس فيه مجال للتسلية واللهو ، وليس من غايته ترضّى الغرائز المريضة ، أو تملّق الرغبات الفاسدة ، التي كثيرا ما تكون مقصدا أصيلا من مقاصد القصة عند كثير من كتاب القصص ، الذين يجذبون القراء إليهم بهذا الملق الرخيص للغرائز الدنيا ، التي تعيش فى كيان الإنسان ، وتترقب الفرصة السانحة التي تستدعيها ، وتقدم «الطّعم» المناسب لها.
وعناصر القوة فى القصص القرآنى مستمدة من واقعية الموضوع وصدقه ، ودقة عرضه ، والعناية بإبراز الأحداث ذات الشأن فى موضوع القصة ، دون التفات إلى الجزئيات التي يشير إليها واقع الحال ، وتدلّ عليها دلالات ما بعدها
__________________
(١) ذلك ما عرضنا له فى كتابنا ـ : «القصص القرآنى».