جمالا ، مما استقبلته منها أول الأمر مشاعرهم .. وهكذا يلتقى عندهم على كلمات الله ، منطق العقل ، مع بداهة الشعور ، فيتأكد لذلك حكم البداهة .. (وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً).
قوله تعالى :
* (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً).
فى هذه الآية يعود الخطاب إلى المشركين ، بعد أن وقفت بهم الآيتان السابقتان إزاء أهل الكتاب ، وأرتهم منهم أنهم يتعاملون مع هذا القرآن الذي لم يدعوا إليه بعد ، ويلقونه بهذا الاحتفاء العظيم ، على حين أنهم – أي المشركين ـ يلقون هذا القرآن الذي دعوا إليه ، بوجوه منكرة ، وقلوب مغلقة ، وعقول شاردة.
وفى تجديد الخطاب إليهم ، دعوة مجدّدة لهم إلى أن يتدبروا أمرهم هذا الذي هم فيه ، وأن يبادروا فيصلحوا موقفهم من القرآن ، ويصطلحوا معه ، ويلقوه لقاء كريما غير هذا اللقاء الذي كان منهم .. هذا إن كان لهم حاجة فى أنفسهم ، وفى استنقاذها من الضلال والضياع! وإلا فهم وما اختاروا!
ـ وفى قوله تعالى : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ) تصحيح لمعتقد المشركين فى الله .. ذلك أنهم كانوا لا يعرفون عن الله إلا أنه «الله» أي الإله الأكبر ، الذي يرأس الآلهة الآخرين ، الذين يعبدونهم من دونه .. من ملائكة وكواكب ، مثّلوها فى تلك الأصنام التي نحتوها من أحجار ، وسوّوها من خشب ، أو ذهب .. كاللات ، والعزّى ، ومناة ، وغيرها ..
فاسم «الله» هو عند هؤلاء المشركين ، هو العلم الذي يطلقونه على الإله الأكبر .. ليس له عندهم اسم أو صفة أخرى ..