ولهذا عجب هؤلاء المشركون حين كانوا يسمعون من النبىّ تلك الأسماء والصفات التي كان يذكرها فيما يذكر القرآن الكريم ، من أسماء الله وصفاته .. كالرحمن ، والرحيم ، والسميع ، والبصير ، والعليم ، والحكيم .. وكانوا يقولون : أإله هو أم آلهة هذا الذي يدعونا محمد إلى الإيمان به؟ وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ .. قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ؟ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا؟ وَزادَهُمْ نُفُوراً) (٦٠ : الفرقان).
فكان قوله تعالى : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) ـ تصحيحا لمعتقدهم الفاسد فى الله ، وأنه سبحانه وتعالى ليس ـ كما تصوّروا ـ ذاتا كدواتهم ، أو ذوات معبوداتهم ، يطلق عليهم اسم واحد ، يستدلّ به عليه ، ويتعامل معه به!
فالله سبحانه وتعالى متصف بصفات الكمال كلها ، فأىّ وصف من أوصاف الكمال ، هو لله سبحانه ، وهو اسم وصفة معا لذاته .. فالله ، هو الرحمن ، وهو الرحيم ، وهو العليم ، وهو السميع ، وهو البصير ، وهو الخالق ، وهو الرازق .. إلى ما يمكن أن تحمل للغة من صفات الكمال والجلال ، التي لا يشاركه أحد فيها ..
فكل اسم حسن يدعى الله به ، ويعبد عليه ، هو إيمان بالله ، وإقرار بالعبودية له. وذلك بأية لغة ، وبأى لسان!
ـ وفى قوله تعالى : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) ـ هو بيان للأسلوب القاصد ، المستقيم ، الذي يدعى الله سبحانه وتعالى به ، ويعبد عليه ، وهو ألا يكون جهرا صارحا بالدعاء ، وبالصلاة ـ وهى دعاء أيضا ـ ولا هما خافتا به .. وإنما هو وسط بين هذا وذاك .. فالجهر الصارخ ، يدخل على الإنسان بشعور حفىّ ، بأن الله بعيد عنه ، لا يسمع إلا إذا