وألسنتهم .. فهل بعد هذا السّفه سفه؟ وهل مع هذا الغباء غباء!
ـ وفى قوله تعالى : (يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً) إشارة إلى عظم وقع القرآن على قلوبهم ، وأنهم إذا تليت عليهم آياته استولت عليهم حال من الخشية والرهبة ، فسقطوا مغشيا عليهم ، بكيانهم كلّه. وألقوا بثقل أجسامهم على الأرض ، ولصقت وجوههم بها.!
قوله تعالى :
(وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً).
هو بيان لحال أخرى من أحوال أهل العلم من أهل الكتاب ، إذا يتلى عليهم القرآن .. فهم لأول الصدمة يخرّون على أذقانهم سجّدا .. ثم هم إذا صحوا من سكرتهم قليلا ، وفاء إليهم ما عزب من عقولهم ، وجدوا أنفسهم مع آيات الله ، تطالعهم بالحكمة والموعظة الحسنة ، فيخرّون للأذقان باكين ، لما عرفوا من الحق .. فيزدادون خشوعا إلى خشوع ، وإيمانا إلى إيمان!
فهما إذن حالان للمستمعين إلى آيات الله ، من أهل العلم هؤلاء ..
الحال الأولى ، حين تلقاهم آيات الله ، وتطلع عليهم كلماته لأول وهلة .. فإذاهم بين يديها فى حال من الجلال والرهبة ، تنعقد معه الألسنة ، وتسكن معه الجوارح ، وتخمد الأنفاس .. شأنهم فى هذا شأن من تبغته آية من آيات الله ، يرى فيها من الحسن والجمال ما لم تشهده عين ، ولم يتصوره خاطر ، فيخرّ مغشيا عليه ، جلالا ورهبة ..
والحال الثانية .. أنه حين يعيشون مع هذه الآيات وقتا ما ، ويأنسون إليها ، ويزايلهم بعض ما وقع عليهم أول الأمر من سطوة جلالها وجمالها ، عندئذ يجدون شيئا من العقل يلقونه بها ، وإذا هى لعقولهم أبهى جلالا ، وأروع