أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً) ..
المشار إليه هنا باسم الإشارة «أولئك» ـ هم المؤمنون الذين يعبدون الله ، إلها سميعا بصيرا مجيبا .. وهؤلاء المؤمنون ، هم فى مقابل أولئك المشركين الذين يدعون خشبا مسنّدة ، أو أحجارا منحوتة .. لا تسمع ولا تبصر .. وشتان بين دعاء ودعاء!
وفى الإشارة إلى المؤمنين من غير ذكرهم ، تنويه بهم ، ورفع لمنزلتهم ، وأنهم أعرف من أن يعرّفوا ..
ـ وفى قوله تعالى : (يَدْعُونَ) وفى حذف المفعول به ، إشارة إلى أنهم يدعون من ينبغى أن يدعى ، إذ لا مدعوّ ـ على الحقيقة ـ غيره ، وهو الله سبحانه وتعالى ..
ـ وفى قوله تعالى : (يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ) بيان لما يدعو به المؤمنون ربّهم ، وهو أنهم يدعونه مسبّحين بحمده ، شاكرين لفضله .. فهذا هو دعاء المؤمنين : عبادة ، وصلاة ، وتسبيح .. وفى هذا يقول الله تعالى : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) (٢٨ : الكهف) ..
وابتغاء الوسيلة ، طلبها ، وإدراكها .. والوسيلة ما يتوسّل به ، ويتقرب به إلى الله ، من عبادات وقربات.
ـ وفى قوله تعالى : (أَيُّهُمْ أَقْرَبُ) إشارة إلى محذوف ، تقديره : أيهم أقرب إلى ربّه أكثر توسلا إليه بالطاعات والعبادات .. إذ أنه كلما قرب العبد من ربّه ، اشتدت خشيته له ، لازدياد معرفته بجلاله ، وعظمته ، فيشتدّ حرصه على مرضاته ، والتفانى فى العبودية والعبادة ، ليزداد من الله قربا ، كلما ازداد طاعة وخشوعا وعبودية.