وفى هذا تعريض باليهود ، الذين خرجوا على شريعة أبيهم إبراهيم خروجا صارخا ، فكفروا بأنعم الله ، ومكروا بآياته ، وكذبوا رسله ، وتنكبوا طريق الحق ، وركبوا طرق الضلال.
قوله تعالى : (وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) .. هو عطف على قوله تعالى : (اجْتَباهُ وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) :
وفى الحديث عن الله سبحانه وتعالى بضمير الغيبة فى قوله تعالى : (اجْتَباهُ وَهَداهُ) .. ثم الحديث عنه تعالى بضمير الحضور «وآتيناه» .. إشارة إلى تلك المنزلة التي بلغها إبراهيم عند ربه ، بعد أن اصطفاه لرسالته ، وهداه إلى دينه .. فقد استقام إبراهيم على هذا الطريق المستقيم ، مجتهدا فى الطاعة ، مخلصا فى العبادة ، حتى اتخذه الله سبحانه وتعالى خليلا له ، وأقبل عليه بعطاياه ومننه : (وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) .. فهو عطاء كريم تناوله من ربه من غير واسطة.
والحسنة التي آتاها الله سبحانه وتعالى إبراهيم ، هى على إفرادها وتنكيرها ، تسع ببركتها وخيرها ، الناس جميعا .. ومن ثمرات هذه الحسنة هذا الذّكر الطيب الذي لإبراهيم فى هذه الدنيا ، حيث كان من ذريته الأنبياء ، ومنهم : موسى ، وعيسى ، ومحمد ، أصحاب الرسالات السماوية التي يدين بها المؤمنون بالله!.
وفى قوله تعالى : (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) إشارة إلى ما لإبراهيم عند الله فى الآخرة .. فهو عند الله من الصالحين ، الذين سلموا من كل سوء ، فاستحقوا منازل الرحمة والرضوان ..
قوله تعالى : (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).