العطف بثم هنا ، إشارة إلى الفاصل الزمنى بين رسالة إبراهيم ، ورسالة محمد ، عليهما الصلاة والسلام .. وليس هذا الفاصل الزمنى على امتداده بالذي يفصل بين حقيقة الرسالتين ، فهما من معدن واحد .. بل هما شىء واحد ، فى الأصل الذي قامتا عليه ، وهو توحيد الله ، وإخلاص العبودية.
قوله تعالى : (إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) ..
السبت هو اليوم الذي جعله الله لبنى إسرائيل ، يوم طاعة وعبادة ، يتخففون فيه من شئون الحياة الدنيا ، ويراجعون أنفسهم فيما وقع منهم من سيئات ، خلال أيام الأسبوع الستة .. وبذلك يمكن أن يجد الواحد منهم فرصته فى إصلاح نفسه ، وتصحيح أخطائه ، قبل أن يمضى بها الزمن فينساها ، أو تكثر ويزحم بعضها بعضا ، فيعجز عن معالجتها ، وتفتر عزيمته عن لقائها ..
هكذا كان يوم السبت ، لبنى إسرائيل ، يوما خالصا لله ، وفرصة مهيأة للتطهر من الآثام ، والتخفف من الذنوب .. شأنهم فى هذا شأن النصارى فى يوم الأحد ، والمسلمين فى يوم الجمعة .. فهذا اليوم من كل أسبوع ، هو أشبه بالمنازل التي ينزلها المسافر خلال رحلة طويلة شاقة ، حيث تتهيّأ له فى هذا المنزل فرصة للراحة والاستجمام ، والتزود بالماء والطعام ، وإصلاح أدوات السفر ومعدّاته ، إلى غير ذلك مما يعين المسافر على قطع المرحلة القادمة ، من رحلته .. وهكذا .. حتى تنتهى الرحلة ، ويلقى عصا التسيار! ..
ولو أحسن بنو إسرائيل استقبال هذا اليوم ، واستقاموا على ما أمرهم الله به فيه ـ لكان لهم من ذلك خير كثير فى دينهم ودنياهم جميعا .. ولكنهم مكروا بنعمة الله وكفروا بها ، شأنهم فى هذا هو شأنهم مع كل نعمة أنعم الله بها