الكفر ، على البلاء مع الإيمان ..! (فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ).
والإيمان ـ فى حقيقته ـ هو ابتلاء ، وأقلّ ما يبتلى به المؤمن ، هو التكاليف الشرعية التي تحملها أوامر الدين ونواهيه .. ثم فوق هذا ضروب من الابتلاء ، فى هذا الصراع الذي يكون بين الإيمان والكفر ، وبين الحق والباطل ، قد ينتهى آخر الأمر إلى الاستشهاد فى سبيل الله! وفى هذا يقول الحق جل وعلا : (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) (١ ـ ٣ : العنكبوت).
ـ وفى قوله تعالى : (وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) إشارة إلى سبب آخر من أسباب وقوع الكافرين تحت طائلة هذا الوعيد ، وهو أنهم من جبلّة مظلمة ، لا تقبل النور ، ولا تتهدّى إليه .. فكان أن أضلهم الله ، وتركهم فى ظلمات يعمهون.
قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ).
الإشارة «بأولئك» واردة على هؤلاء الكافرين الذين وصفهم الله سبحانه وتعالى فى الآية السابقة ، بأنهم استحبّوا الحياة الدنيا على الآخرة ، وبأنهم حرموا من هداية الله وتوفيقه ، لما انعقدت عليه قلوبهم من ظلام وضلال .. إذ قد طبع الله على قلوبهم ، وختم عليها بخاتم الكفر ، فلا تقبل إيمانا ، ولا تطمئن إليه .. كما ختم الله على سمعهم ، فلا يسمعون كلمة الحق ، ولا يستجيبون لها ، وختم على أبصارهم ، فلا يبصرون مواقع الهدى ، ولا يتجهون إليها .. فكانوا فى غفلة مطبقة ، عن كل ما يصلهم بالحق ، أو يلفتهم إليه.