لا يبالى بما يعطى أو يأخذ به .. كاذبا ، حانثا .. فمثل هذا الإنسان لا بد أن يرد يوما موارد الكفر ، ويتحول من الإيمان بالله ، إلى الكفر به ، إذ صدّ عن سبيل الله الذي كان قائما عليه ، وولى وجهه نحو الضلال ، وثبت أقدامه عليه .. وليس لمثل هذا الإنسان إلّا أن يذوق السوء والهوان فى الدنيا ، والعذاب العظيم فى الآخرة ..
قوله تعالى : (وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّما عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
هو تحذير ، بعد تحذير ، بعد تحذير ، من الاستخفاف بعهد الله ، وبالأيمان التي يحلف بها الحالفون باسمه .. إذ أن ما يبتغيه الناكثون لعهد الله ، والحانثون بيمينه ، هو التوسل إلى الحصول على متاع من متاع هذه الحياة الدنيا بغير حق .. وهذا المتاع وإن كثر ، هو إلى زوال ، وهو قليل إلى ما يعقب من خسران وحسرة وندامة فى الدنيا والآخرة .. فلو أن الإنسان الذي أعطى عهدا باسم الله ، حفظ هذا العهد ، ووقّر الله فلم يحنث بيمينه ، ووطن نفسه على الصبر إزاء هذا المتاع الزائل الذي يلوح له من وراء الحنث بيمينه ـ لو أنه فعل هذا لوجد عاقبة ذلك خيرا كثيرا ، وجزاءا حسنا جزيلا عند الله ، ولتقبّل الله تعالى منه هذا العمل الطيب ، وجعله له عدّة فى الدنيا ، وزادا كريما طيبا فى الآخرة ، لا يخالطه خبث مما عمل من سيئات ، كما يقول الحق جلّ وعلا : (أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ) (١٦ الأحقاف).
قوله تعالى : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).