هو حكم عام بالجزاء الحسن على العمل الصالح مطلقا ، بعد الحكم الخاص بالجزاء الحسن على الوفاء بالعهد ، والصبر على احتمال تبعات الوفاء به ..
فالأعمال الحسنة جميعها مقبولة عند الله ، سواء ما كان منها من قول أو عمل ، وسواء أكانت صادرة من ذكر أو أنثى من عباد الله .. فالناس جميعا على اختلاف أجناسهم ، وتباين صورهم وأشكالهم ، سواء عند الله ، يخضعون لقانون سماوى عام ، لا محاباة فيه ، ولا تفرقة بين إنسان وإنسان .. إلا بالعمل ..
وقد خصّ الذكر والأنثى بالذّكر هنا ، لأنهما يمثلان جانبى الإنسانية كلها ، إذ كانا مصدر المجتمعات الإنسانية كلها .. كما يقول الله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى) (١٣ : الحجرات) .. ومن جهة أخرى ، فإنه إذا كان الاختلاف النوعىّ بين الذكر والأنثى أمام القانون السّماوى على منزلة سواء ـ كانت التسوية بين الناس جميعا أمام هذا القانون أحق وأولى ..
وقوله تعالى : (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) جملة حالية ، وهذه الحالة قيد واقع على الشرط الذي لا يتحقق جوابه إلا وهو مقترن بهذا القيد .. فالإيمان شرط لازم لقبول العمل الطيب ، والجزاء عليه .. وكل عمل لا يسبقه إيمان بالله ، هو عمل ضالّ ، مردود على صاحبه .. لأنه قدّمه غير ناظر إلى الله سبحانه وتعالى ، ولا محتسب له أجرا عنده ، إذ كان غير معترف بوجوده .. فالعمل الصالح الذي لا يزكيه الإيمان بالله ، أشبه بالميتة التي لم تدركها زكاة بالذبح ، ويذكر اسم الله عليها ..
وقوله تعالى : (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً) .. المراد بالحياة ، هى الحياة الدّنيا ، وطيب هذه الحياة يجىء من نفحات الإيمان بالله ، تلك النفحات التي تثلج الصدر بالطمأنينة ، والرضا ، وتدفىء النفس بالرجاء والأمل ، بتلك القوة التي لا حدود لها ، والتي منها مصادر الأمور ، وإليها مصائرها .. وذلك كلّه من