كدرها ، وانجلى ظلامها ، وأصبح الإنسان وقد اطمأن قلبه ، وعمرت بالحق جوانبه ، وخلت من وساوس الضلال نوازعه ..
إن القرآن الكريم ، هو شريعة ووازع معا ، هو قانون ، وهو فى الوقت نفسه السلطان الذي يقيم أحكام هذا القانون .. أو هو بلغة العصر هو سلطات : تشريعية ، وقضائية ، وتنفيذية .. جميعا ..
وبالكلمة ، وبالكلمة وحدها ، جاء القرآن ، ليقيم فى كيان المسلم قانونا يدركه بعقله ، ويحتكم إليه بقلبه ، ويمضيه بوجدانه ، وينفّذه بجوارحه .. ولن يكون ذلك للكلمة إلا إذا كانت كلمة الله ، كلمة القرآن ، التي تملك بسلطانها الإنسان كله : عقله ، وقلبه ، وضميره ..!
وينتهى من هذا إلى القول بأن القرآن الكريم ، هو تبيان لكلّ شىء ، كما وصفه تبارك وتعالى ، وأنه كما يقول الحق جلّ وعلا فيه : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) .. ولكن لا بما تحمل آياته وكلماته من حقائق علمية ، يجدها الناظرون فى منطوق تلك الآيات وهذه الكلمات ، أو فى مفهومها ـ وإنما بما تنير هذه الآيات وتلك الكلمات من بصائر ، وبما تكشف من عمى ، وبما تمكّن للإنسان من قوى روحية وعقلية يستطيع بها أن يثبّت قدمه على طريق الحقّ ، ويتهدّى بها إلى مواقع الخير ..
فالإنسان الذي يعرف ربّه مهتديا بهدى القرآن ، مستضيئا بنوره ، هو إنسان قد عرف كلّ شىء يستطيع أن يبلغه العقل الإنسانى فى أعلى مستوياته ، وأرفع منازله .. فإذا بلغ الإنسان هذه المنزلة ، وارتفع إلى هذا المستوي كانت آيات الله وكلماته فى كتابه الكريم ، هى الوجود كله ، وكان الوجود بين يديه صفحات يقرأ فيها ما يفتح الله له من أبواب العلم والمعرفة ..!
فهذا القصور العلمي الذي نحن فيه ، وهذا التخلف الاجتماعى الذي يضع