ما يشير إليه قوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) (١٨٠ : الأعراف) فبالاسم الذي ندعو الله به ، يتجلّى به الله ـ سبحانه ـ علينا ، فنرى فى سنا وجهه الكريم ، غيوث رحمته ، ومواطر فضله ورضوانه.
ولعله من المناسب أن نذكر هنا قول الله تعالى : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) (١٥٢ : البقرة) : فالله سبحانه وتعالى لا ينسى ، حتى يذكر فيذكر .. بل هو جل شأنه يذكرنا دائما ، ذكرناه أو لم نذكره .. ولكن المراد بذكره لنا هنا إذا ذكرناه ، هو أننا إذا ذكرناه وجدناه سبحانه حاضرا فى قلوبنا وعقولنا .. وأننا إذا لم نذكره ، فهو سبحانه حاضر كذلك ، ولكن هذا الحضور لا نحسّ به ، ولا ننأثر له.
فإذا ذكر المؤمن ربّه ، وجد ربه تجاهه .. وكأنه بتفلّته عن ذكر ربه قد بعد عن الله ، فإذا ذكر ربّه ، وأشرق عليه بنوره السنىّ البهىّ .. وفى الحديث القدسي : «من تقرب إلىّ شبرا تقربت إليه ذراعا ، ومن تقرب إلىّ ذراعا تقربت إليه باعا ، ومن أتانى يمشى أتيته هرولة» ..
فذكر الله ، وامتلاء القلب بهذا الذكر ، يفيض على الذاكر أنوارا من جلال الله وبهائه ، وإذا هو فى حمّى عزيز لا ينال ، وفى ضمان وثيق من أن يهون أو يذلّ لغير الله الواحد القهار ..
وأسمى الذكر وأكمله ، هو ذكر العارفين بالله ، معرفة يطلعون منها على ما يملأ قلوبهم جلالا وخشية لله ، حيث يشهدون من كمالات الله ما لا يشهده إلا المقربون ، الذي رضى الله عنهم ورضوا عنه .. كما يقول سبحانه وتعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) .. فهذا الودّ إنما يناله أولئك الذين يذكرون الله فيذكرهم لله ، ويعرفونه فيعرفهم .. (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ