لهذا الداء إلا باللّجأ إلى الله ، والفزع إليه ، وذلك بذكره ، وتذكّر سلطانه المبسوط على هذا الوجود ، وأمره القائم على كل موجود .. (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ .. تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ).
ـ وفى قوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ). وفى التعبير عن الإيمان بالفعل الماضي «آمنوا» وعن الاطمئنان بفعل المستقبل .. «تطمئن» ـ فى هذا إشارة إلى أن الإيمان حال لا يتحول عنها المؤمن ، وأنه لا بوصف بالإيمان إلا إذا كان مؤمنا .. على خلاف الاطمئنان ، فإنه غير ملازم للمؤمن فى كل حال ، وإنما يقع الاطمئنان عند ذكّر الله ، وكلما ذكر المؤمن ربه ، حين تعرض له عوارض الفلق والجزع.
وهنا ، نود أن نشير إلى أن ذكر الله الذي يمنح القلب اطمئنانا وأمنا ، يحسن أن يكون منظورا فيه إلى صفة من صفات الله ، المناسبة لتلك الحال العارضة ، التي أزعجت الطمأنينة عن القلب ، وأطارت السكينة والأمن من الجوانح ..!
فإذا كان الإنسان فى مواجهة مرض ، مثلا .. فى نفسه ، أو نفس من يحب. ذكر الله الرحمن الرحيم ، وذكر قدرته على كشف هذا الضر ، ورفع هذا السوء!
وإذا كان فى يد سلطان جائر ، أو عدوّ متسلط قاهر ، ذكر الله القوىّ القاهر ، الجبار المنتقم .. فأراه ذلك ضآلة هذا السلطان ، وصغر شأن هذا العدو ..
وهكذا يذكر للذاكر ربّه ، فيرى فى وجهه الكريم ، الصفة التي يتجلّى بها عليه ، فإذا هى السكن لجوارحه ، والدواء لدائه ، والطمأنينة لقلبه .. وهذا