الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً) (٧٤ ـ ٧٥ : الإسراء) ويقول سبحانه عن رسله جميعا : (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا) (١١٠ : يوسف)
فالرسل ، والأنبياء ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ مبتلون بما يبتلى به الناس من فتن ، تلحّ عليهم بأهوالها ، فيتلقونها بعزماتهم ، ويصدّونها بإيمانهم ، ويستعصمون منها بكل ما فى طاقاتهم من قوّى ، حتى إذا استنفدوا كل ما فى كيانهم من صبر وبلاء ، وكادوا يهزمون فى هذا الصراع المحتدم ، جاءهم نصر الله ، وتوافدت عليهم أمداده وألطافه ، فربطت على قلوبهم ، وثبتت من أقدامهم ، وإذا هم فى مقامهم الرفيع الكريم ، وإذا الفتن صرعى بين أيديهم ، ملففة فى تراب الخزي والاندحار!
وأي فضل لأنبياء الله ورسله على غيرهم من الناس ، إذا هم لم يبتلوا هذا البلاء ، وإذا هم لم يجاهدوا هذا الجهاد فى مواجهة الفتن ومغالبة الأهواء والشهوات؟ وأي فضل لهم إذا كانت الفتن لا تحوم حولهم ، وكانت الأهواء والشهوات تتساقط من نفوسهم من غير جهد وعناء؟ وأي فضل لهم يحمدون عليه ، ويستأهلون به هذا المقام العظيم الذي هم فيه ، إذا لم تتحرك فيهم دواعى الشهوات ، ولم تنازعهم الأهواء؟
إن الثواب ـ كما يقولون ـ على قدر المشقة ..
وهذا يعنى : أن نصيب أنبياء الله ، ورسله ، وأوليائه من المعاناة والمشقة أكبر نصيب ، وأنه يقدر ما واجهوا من بلاء وفتنة بقدر ما كان لهم من منزلة عند ربهم ..
وفى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ المثل الأعلى فيما امتحن به ، وفيما تعرض له ، من فتن وابتلاء ، فى مشاعره ، وعواطفه ، ونوازعه .. فلقد شهد