انتصبت لهم الأسباب المسعدة التي وصلتهم بهم ، ومكنت لهم من أن يقبسوا من الهدى الذي بين أيديهم!
وكذلك الذين التقوا بالرسل والأنبياء ، وكانوا حربا عليهم ، وظلاما يحجب ضوء الهدى عن الناس ـ إنما اجتمعت لهم الأسباب التي وقفت بهم هذا الموقف ، وساقتهم إلى هذا البلاء!
فالأسباب ، ألطاف من ألطاف الله ، وآيات من آيات رحمته ، يدنيها ـ سبحانه ـ من أوليائه ، وييسرهم لها .. أو هى مزالق وعثرات يهوى إليها أعداء الله ، ويتساقطون فيها .. (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) (٥ ـ ١٠ : الليل)
ومجىء العزيز ، أو ظهور الشّارة الدالة على مجيئه فى تلك اللحظة الحاسمة ، هى آية من آيات الله ، ورحمة من رحمته ، ولطف من ألطافه ، وحراسة قائمة على هذا النبي الكريم أن تزلّ قدمه .. وهكذا تحفّ ألطاف الله بعباده المخلصين ، وتتداركهم رحمته ، فى أمثال هذه الساعات الحرجة .. يقول الله تعالى فى يونس عليهالسلام : (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ* لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (١٤٣ ـ ١٤٤ : الصافات) .. فهذا التسبيح الذي ألهمه الله إيّاه ، هو اللطف الذي أمدّه الله به ، وهو حبل النجاة الذي أرسله إليه وهو فى بطن الحوت .. ويقول سبحانه فى يونس أيضا : (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ* لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ* فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) (٤٨ ـ ٥٠ : القلم) وفى هذا يقول تبارك وتعالى لمحمد صلوات الله وسلامه عليه : (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً* إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ