عند الله .. فأصحاب البقية ، هم العقلاء الراشدون ، الذين لا تلهيهم دنياهم عن آخرتهم ..
* وقوله تعالى : (إِلَّا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ) هو استثناء من النفي الواقع على أهل القرون الغابرة .. فقد كان فيهم جماعات قليلة استجابوا لدعوة الله ، وآمنوا به ، ودعوا إلى الله ، كما كان من الرجل الصالح من قوم فرعون .. أما كثرتهم فكانت تموج فى غيّها وضلالها ، فلم يكن لأصحاب الدعوات فيهم من يسمع أو يجيب ، إذ كانت تضيع أصواتهم وسط هذه الأمواج الهادرة من الغى والضلال .. وقد نجى الله سبحانه هؤلاء القلة المؤمنين ، من هذا البلاء الذي أخذ به أقوامهم ، الذين قاموا على ما هم فيه من ضلال ..
* قوله تعالى : (وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ) .. إشارة إلى أن أهل المنكر قد غلبوا على أهل الخير والصلاح فيهم ، فلم يلتفتوا إليهم ، ولم ينتفعوا بنصحهم ، فمضوا على ما هم فيه من ضلال ، وغرقوا فيه من إلى أذقانهم ، وأترفوا فيه ، أي جعلوه نعيمهم فى الدنيا ، وحظهم منها .. ـ (وَكانُوا مُجْرِمِينَ) أي كانوا أهل إجرام وفجور ، وبغى وعدوان .. ولذلك أهلكهم الله .. ولو استقاموا على طريق الحق ، ما نزل بهم ما نزل من نقم الله عليهم .. كما يقول سبحانه بعد ذلك :
(وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ) .. أي أن الله سبحانه ، إنما أهلك القرى التي أهلكها بسبب ما كان من أهلها من ظلم وكفر وضلال .. وقد جرت سنة الله ألّا يغير نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، كما يقول سبحانه : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) (٥٣ : الأنفال).