فتلك هى ديار القوم ، وهذا هو حصيد ما زرعوا .. فلينظر المشركون من أهل مكة ماذا حلّ بديار الظالمين ، ولينتظروا ماذا يحلّ بهم هم ، إن ظلوا على ما هم عليه من كفر وعناد.
ـ وفى قوله تعالى : (جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) إجابة عن سؤال هو : ما ذا كان من أهل تلك الديار حتى حلّ بهم هذا المسخ؟ فكان الجواب : «جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كلّ جبّار عنيد»!
والجبار العنيد ، هو كل رأس من رءوس الكفرة والمشركين ، الذين يتولّون كبر الحرب التي يعلنها أعداء الله ، على رسل الله.
ـ وفى قوله تعالى : (وَعَصَوْا رُسُلَهُ) ما يسأل عنه؟
كيف جاء النظم القرآنى ، محدّثا عن أنهم عصوا رسل الله ، مع أنهم لم يعصوا إلا رسولهم «هودا» الذي أرسل إليهم؟
والجواب : أن رسل الله على طريق واحد ، يقومون على أداء رسالة واحدة .. هى الدعوة إلى الله سبحانه ، والإيمان به ، وبكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ..
فهم ـ من جهة ـ بمنزلة رسول واحد ، يتجدد مع الزمن فى صورة من ظهر منهم من الرسل .. وهم ـ من جهة أخرى ـ رسل كثيرون يجىء بعضهم إثر بعض فى صورة رسول .. إذ لا يختلف أحد منهم عن صاحبه فى مفهوم الرسول ، وفى مضمون رسالته ومحتواها ..
فهم رسل فى رسول ، وهم رسول فى رسل!
قوله تعالى : (وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ).
أي أن هؤلاء القوم لم يتركوا وراءهم فى هذه الدنيا خيرا يذكرون به ،