وقد جاء فى سورة التحريم نص هذه الآية هكذا : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (٩ : سورة التحريم)
وفى هذا تأكيد للأمر بجهاد النبىّ للكفار والمنافقين ، وأخذهم بالبأساء والضرّاء ، حتى يزول الخطر الذي يتهدد الإسلام والمسلمين منهم ..
قوله تعالى : (يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا)
هذا عرض لحال من أحوال المنافقين ، وكشف لوجه من وجوههم المنكرة .. وهو أن من دأبهم أن يحلفوا كذبا وزورا أنهم ما قالوا هذا القول المنكر ، الذي كان سرا بينهم ، ففضحهم الله به ، وأطلع النبىّ والمسلمين عليه ..
وقد كذّبهم الله ، وردّ أيمانهم الكاذبة بقوله سبحانه : (وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ).
والمراد بكلمة الكفر ، هو الكلام الذي تحدثوا به فيما بينهم ، وتناولوا فيه النبىّ بالهزء والسخرية ، وقالوا حين سئلوا : (إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ) .. وذلك منهم هو الكفر الصّراح .. فلو كان فى قلوبهم شىء من الإيمان ، لما حدّثتهم أنفسهم بهذا السوء ، ولما طاوعتهم ألسنتهم على النطق بهذا المنكر من القول ..
وفى التعبير عن كلمات السوء بكلمة الكفر ، إشارة إلى أن حصيلة هذا الكلام الكثير الذي دار على ألسنتهم ، هو كلمة واحدة ، هى الكفر ، الذي دمغوا به ظاهرا ، بعد أن كان يعيش فى كيانهم متخفيا ، مستبطنا ..