فكلامهم كله ، هو الكفر ، إذ لا ثمرة له إلا الكفر ..
وقوله تعالى : (وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ) .. هو تأكيد لكفرهم الذي استعلن بكلماتهم المنافقة التي فضحهم الله بها .. وفيه إشارة إلى أنهم لم يكونوا مؤمنين أبدا ، وأن الإيمان لم يدخل قلوبهم ، وإنما جرت كلمة الإسلام على ألسنتهم ، فحسبوا بهذا من المسلمين لا المؤمنين ..
فكل مؤمن مسلم ، وليس كل مسلم مؤمنا .. وإلى هذا يشير قوله تعالى : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا ، وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا .. وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) (١٤ : الحجرات).
وقوله تعالى : (وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا) هو فضح لخفيّة من خفايا المنافقين ، وكشف لمكيدة من مكايدهم ، وأنّهم قد بيتوا عدوانا ، ودبروا كيدا ، ولكنّ الله ـ سبحانه ـ أبطل كيدهم ، وأفسد تدبيرهم .. فقد أرادوا بالنبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ شرا ، وائتمروا فيما بينهم على أن يرصدوا له ، وهم معه على طريق العودة من تبوك ، فأطّلع الله سبحانه النبىّ عليهم ، وأراه ما دبروا له .. فدعاهم النبىّ إليه ، وكشف لهم عن تدبيرهم السيء .. فلم يجدوا غير الحلف كذبا وبهتانا ، بأنّهم ما قالوا شيئا ، ولا بيّتوا شرّا ..
وقوله سبحانه : (وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ) .. هو تسفيه لهم ، واستنكار لهذا المنكر الذي هم فيه .. وأنهم لم يتخذوا هذا الموقف المنحرف اللئيم من الله ورسوله ، إلّا لما أفاء الله ورسوله به عليهم من فضله .. وهكذا أصحاب الطباع السيئة ، والنفوس المريضة ، تنقلب حقائق الأشياء عندهم ، فإذا النور ظلام ، والحق باطل ، والنعمة نقمة ..
والله سبحانه وتعالى يقول فى مثل هؤلاء الحمقى والسفهاء من الناس :