أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) (٧٤)
____________________________________
التفسير : لم تنته الآيات القرآنية بعد ، من عرض الوجوه التي يظهر بها المنافقون فى الناس ، فما زالت هناك وجوه كثيرة لهم ، سيكشف عنها القرآن فى آيات تالية ـ ومع هذا ، فقد جاء قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) ـ جاء معترضا سلسلة هذا العرض الكاشف عن مخازى المنافقين ، ليذكّر النبىّ بما ينبغى أن يأخذ به المنافقين ، الذين هم أشد أعداء الإسلام خطرا على الإسلام.
والكفار والمنافقون ، هم على سواء فى كفرهم بالله ، ومحاربتهم لدين الله ، وكيدهم لرسول الله .. وإن على النبىّ أن يجاهد هؤلاء وأولئك جميعا ، وأن يلقاهم بكل قوة وبأس .. فالمنافقون ، كافرون ، وأكثر من كافرين .. لأنهم يسترون كفرهم بالنفاق ، ويدارونه بإظهار الإسلام .. فهم بهذا عدوّ خفىّ ، يأمن المسلمون جانبه ، ولا يأخذون حذرهم منه ، فيطّلع منهم على ما لا يطّلع عليه العدوّ الظاهر ، من مواطن الضعف منهم ، وانتهاز الفرصة فيهم ..
فإذا جاهد النبىّ الكفار ، فليجاهد المنافقين كذلك ، وليشتدّ فى جهادهم ، وليغلظ عليهم ، فلا يرخى يده عنهم إذا أمكنته الفرصة فيهم ..
وقوله : (وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) هو بيان للحكم الواقع تحته الكافرون والمنافقون ، وهو أن جهنم مأواهم الذي يؤوون إليه ، والمصير الذي يصيرون له .. وأنهم إذا أفلتوا فى هذه الدنيا من القتل أو الأسر ، فلن يفلتوا فى الآخرة من عذاب جهنم ، وبئس المصير ..