النفوس المريضة ، ولا تستطعمه إلا الطبائع الخبيثة .. إنه عملة زائفة ، لا تروج إلا فى الظلام ، ولا يتعامل المتعاملون بها إلا فى أوكار اللصوص ، وفى حانات الخمر ، حيث تدور الرءوس ، وتذهب العقول!
(يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ) هذه هى بضاعة القوم ، وتلك هى رسالتهم فى الحياة ، وشأنهم فى الناس ..
«يأمرون بالمنكر»!
فلا يكفيهم أنهم يطعمون من هذا الطعام الخبيث ، ولا يرضيهم أن يعرضوه على الناس ـ بل يأمرونهم به ، ويحرضونهم عليه ، ويزينون لهم تعاطيه ..
إنهم لا يهنؤهم هذا الطعام الخبيث العفن ، حتى يستكثروا له من الأيدى التي تشاركهم فيه ، ومن الأفواه التي تمضغه معهم ..
«وينهون عن المعروف»!
فمن دعا إلى منكر وأمر به ، وحرض عليه ، فهو ناه ـ ضمنا ـ عن معروف ، صادّ عن خير .. ولكن القوم ، لا يقفون عند هذا ، بل إنهم حين يدعون إلى المنكر ، يقومون بدعوة أخرى ، هى تبغيض الحلال إلى الناس ، وتزهيدهم فى الخير ، وذلك إذا تأبّوا عليهم ، ولم يستجيبوا لدعوتهم إلى المنكر .. وحسبهم فى هذا أن يصرفوا وجوه المؤمنين عن الإيمان ، ويكفّوا أيديهم عن التعامل بالخير ، فذلك إن تمّ لهم كان كسبا للمعركة التي يخوضونها مع المؤمنين ، وهو عزل أكبر عدد يمكن عزله منهم عن المعركة ، بحيث لا يكونون مع المؤمنين ولا على المنافقين!