«ويقبضون أيديهم»
أي أن هؤلاء المنافقين الذين يسعون فى الناس هذا السعى الحثيث فى مجال الإفساد ، والإهلاك للناس ـ هم فى الوقت نفسه أشحة على الناس بأى خير يمكن أن تحمله أيديهم إلى الناس ، إن كان فى يدهم أي خير ..
إنهم أسخياء كرام ، يبذلون ـ فى تبذير شديد ـ كلّ منكر ، ويجودون بلا حساب ، بكل مفسدة وكل ضلال .. أما فى مجال الخير والإحسان ، فهم بخلاء أشحّاء ، لا تندّ أيديهم بذرة خير ، ولا تسخو أنفسهم بعارفة من إحسان! (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ)
إنهم لا يذكرون الله أبدا ، إذ لو ذكروه ، لما كان لهم فى عباد الله هذا البلاء الذي يرمونهم به ، فى غير حرج أو تأنّم ..
إنّهم نسوا الله ، فنسيهم الله ، وتركهم وما هم فيه من ضلال .. فلو أنهم ذكروا الله لوجدوا فى قلوبهم خشية له ، ولكان لهم فى خشيتهم لله ما يمسك بهم عن هذا الضلال الذي يهلكون به أنفسهم ، ويهلكون به كثيرا من الناس معهم ..
ونسيان الله لهم ، هو تركهم لأنفسهم ، وحرمانهم من توفيق الله.
(إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ) .. أي هم الذين فسقوا عن أمر ربّهم ، وخرجوا عن الطريق المستقيم ، وركبوا طرق الضلال والهلاك.
قوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ)
هذا هو الجزاء الذي أعدّه الله لأهل النفاق والكفر .. نار جهنم خالدين فيها ، لا يتحولون عنها أبدا .. هى حسبهم ، أي هى كلّ ما لهم عند الله ..