ومنها : ما تضمن هذا الردّ من أن النبىّ هو أذن خير لهؤلاء المنافقين : (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ) .. فكيف هذا ، وهم فى معرض العقاب والتقريع؟.
والجواب على هذا ـ والله أعلم ـ أنه عليه الصلاة والسلام مبعوث بالهدى والرحمة ، وأنّ أذنه التي يعيبها أولئك المنافقون بتصديق ما يلقى إليها من أخبار ، هى أذن خير ، ووعاء رحمة ، تتلقى ما ينزل إليها من كلمات الله وآياته ، فتنقله إلى الناس ، وتؤدّيه لهم كما سمعته ..
فأذن الرسول ، هى وعاء خير خالص للناس جميعا ، مؤمنهم وكافرهم ، برّهم وفاجرهم ، ذلك أن الرسول يؤذّن بكلمات ربّه التي سمعها من الرّوح الأمين ـ يؤذّن بها فى الناس جميعا .. فمن سمع وعقل ووعى ، فقد أخذ لنفسه بحظها من هذه الخير العام وتلك الرحمة الشاملة ، ومن أصمّ أذنيه ، وأعرض عن آيات ربّه ، فقد حرم نفسه الخير كلّه ، وأوردها الضلال والهلاك ..
فلو أن هؤلاء المنافقين استمعوا لكلمات الله ، ولم يمكروا بها ، لكان لهم من ذلك الخير كلّ الخير .. ولكنهم نافقوا ، ومكروا ، فمكر الله بهم ، وحرمهم أن ينالوا من تلك النعمة شيئا ..
وقوله سبحانه : (يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ)
بيان لقوله تعالى : (أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ) يكشف عن صفات هذا الرسول الكريم ، الذي يقول فيه المنافقون هذا القول المنكر .. أي أنه عليه الصلاة والسلام ، أذن خير للناس جميعا .. يسمع كلمات الله فيصدّقها ويؤمن بها ، ويسمع ما يحدّثه به المؤمنون فيصدّقهم ، لأن من شأن المؤمن ألّا يكذب .. ثم هو عليه الصلاة والسلام ، رحمة للمؤمنين ، الذي صدّقوا الرسول وآمنوا بما جاءهم به من عند الله سبحانه وتعالى ..