قبل منهم ما اعتذروا به ، ولم يراجعهم فيه ، ولم يدخل معهم فى جدل لا جدوى معه.
ولا ينقض هذا التأييد السماوي لرأى النبىّ فى هؤلاء المعتذرين ، ما جاء من عتاب للنبىّ من الله سبحانه وتعالى فى قوله جلّ شأنه : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ).
فهذا العتاب ، هو ـ فى الواقع ـ مدح للنبىّ ، ورضى كريم عنه ، على حين أنه فضيحة لهؤلاء المعتذرين ، وكشف لنفاقهم ..
وقد ردّ الله سبحانه وتعالى على هؤلاء المنافقين بما يكبتهم ، ويملأ قلوبهم حسرة وكمدا .. فقال جلّ شأنه : (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ).
ففى قوله تعالى : (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ) أمور :
منها : أن النبىّ صلوات الله وسلامه عليه ، هو المأمور بتبليغ هذا الرد السماوي ، بقوله تعالى : «قل» .. وفى هذا تكريم للنبىّ ، بوضع هذا السلاح السماوىّ فى يده ، ليضرب به فى وجه هؤلاء الذين آذوه بهذا المنكر من القول الذي قالوه عنه ..
ومنها : الإشارة إلى النبىّ الكريم بضمير الغيبة «هو» وظاهر النظم يقضى بأن يكون النبىّ هو المتحدّث عن نفسه .. هكذا : قل إننى أذن خير لكم» ـ وفى هذا إشارة إلى أن الذي يتولى الدفاع عن النبىّ ، هو الله سبحانه وتعالى ، وأنه إذا كان النبىّ فى غير محضر من هؤلاء الذين يقولون فيه هذا القول المنكر ، فإن الله سبحانه وتعالى ، هو وليّه ، وهو الذي يدافع عنه ، ويفضح المتآمرين عليه ..